ابتدع طلاب جامعة نانجينج يوم العزاب كرد ساخر على عيد الحب في التسعينيات. اختير تاريخ 11/11 لأن الأعداد الأربعة ترمز في الثقافة الصينية إلى الأعواد العارية، وهو تعبير عن العزوبة. تحوّل هذا الرمز تدريجيًا إلى ظاهرة اقتصادية عالمية مع مرور السنوات. أصبحت اليوم منصةً تسوقية تؤدي إلى مبيعات ضخمة وتتيح عروض مغرية للمستهلكين حول العالم.

صعود ثقافة السناجل في آسيا

تشير قراءات الاقتصاد السلوكي إلى أن انتشار يوم العزاب ليس وليد الصدفة، بل نتيجة تحولات اجتماعية عميقة في آسيا. وفي الصين، أدت سياسة الطفل الواحد بين 1980 و2015 إلى خلل ديموغرافي حيث فضّلت عائلات كثيرة إنجاب الذكور، ما خلف فائضًا من الرجال غير القادرين على العثور على شركاء. وفي المقابل، ساهمت فرص التعليم والعمل في تمكين النساء ومنحهن استقلالًا اقتصاديًا يجعل الزواج خيارًا أقرب إلى التأجيل أو الإلغاء عند البعض. يعكس ذلك تغيرًا اجتماعيًا يدفع إلى رؤية العزوبة كخيار واع واستمرارها كمسار حياة مستقل.

أثر العزوبة في اليابان وكوريا الجنوبية

لا تقتصر الظاهرة على الصين بل تمتد إلى اليابان حيث يُعرف الاحتفال بالفرد الواحد باسم “أوهيتوريساما” أي حفلة الفرد الواحد، وفي كوريا الجنوبية يطلق عليها اسم “هونجوك” أي قبيلة الوحدة. أصبحت الأسر من شخص واحد تتبنّى نمط حياة يقوم على الاعتماد على النفس، وهو ما أفرز سوقًا جديدة تشمل غرف كاراوكي فردية وصالات سينما مصممة لرواد العزلة. وتدعم شركات كبرى مثل شاومي ونايكي وجيت ستار آسيا هذا التحول عبر إطلاق منتجات حصريّة وتقديم تخفيضات تستهدف العزاب كخيار واع ومحدد.

انعكاسات في الولايات المتحدة واقتصاد العزاب

في الولايات المتحدة، تشير الإحصاءات إلى أن نصف البالغين غير متزوجين، ونصف هؤلاء لا يبحثون عن علاقة من الأساس. وفي عام 1960 لم يكن يتجاوز عدد من يبقون عزابًا مدى الحياة 10%، أما اليوم فالتوقعات تشير إلى أن ربع جيل الألفية وثلث جيل زد لن يتزوجوا أبدًا. كما ارتفع متوسط سن الزواج الأول من 21 عامًا إلى 29 عامًا، وهو ما يعكس تغيرًا في نمط تكوين الأسرة. تتزايد بذلك فرص السوق للمستهلكين العزاب وتفتح أمامها مسارات جديدة للانفاق والاستهلاك.

اقتصاد العزاب.. فرص سوق واعدة

يعلن باحث الاقتصاد فيليب كاتزمان، مؤسس مشروع Solo، أن هذه التحولات الديموغرافية كان من المفترض أن تحدث ثورة في عالم التسويق، لكن كثيرًا من الشركات لا تعترف بالقوة الشرائية للعزاب. وتبدأ بعض الشركات في تعديل استراتيجياتها مثل حملة Visible Wireless التي عدلت من “خطة عائلة” إلى “خطة للأصدقاء بلا دراما” في 2021. كما خصصت شركة رحلات بحرية كبائن فردية للمسافرين المستقلين، وتعيد علامة عالمية للأثاث إطلاق حملات تشجع على الحضور مع من تحب، سواء صديقًا أم أحد أفراد العائلة. ويظل التحدي في تطوير منتجات وتجارب مخصصة تعترف بأن العيش الفردي ليس حالة مؤقتة بل أسلوب حياة يحتم وجود حلول اقتصادية واجتماعية مناسبة.

شاركها.