توضح الدلائل الصحية أن الرغبة الشديدة في الملح قد تكون مرتبطة بعدة أسباب وسلوكيات. وتؤكد أن الجسم يحتاج إلى الصوديوم للحفاظ على توازن السوائل ووظائف الأعصاب والعضلات. كما أن معظم الأشخاص يحصلون على كميات كافية أو زائدة من الملح عبر النظام الغذائي اليومي، وتظهر الرغبة في تناول الملح أحيانًا نتيجة لنمط حياة أو حالة صحية.

أسباب الرغبة الشديدة في الملح

1- الشعور بالملل يدفع بعض الأشخاص إلى تناول أطعمة مالحة، إذ يؤدي ذلك إلى تنشيط مراكز المكافأة في الدماغ وإفراز الدوبامين، مما يمنح شعورًا مؤقتًا بالمتعة. غالبًا ما يكون هذا النوع من الأكل عاطفيًا وليس ناتجًا عن احتياج جسمي حقيقي. كما أن تأثير الرغبة الملحية قد يزول عند الانشغال بنشاطات أخرى أو تغيّر المزاج.

2- الجفاف يؤدي غالبًا إلى اختلال توازن الإلكتروليتات في الجسم، بما في ذلك الصوديوم، فيدفع الدماغ إلى طلب الملح. وتُشير الدراسات إلى أن مراكز التحكم في الشعور بالجوع والعطش قد تتداخل، ما يجعل الجسم يخلط بين الحاجة للماء والرغبة في الملح. كما أن نقص الماء يحتاج إلى استعادة التوازن عبر شرب كميات كافية من الماء وتعديل السلوك الغذائي.

3- الاعتياد على كميات كبيرة من الملح يزيد من تفضيل الطعم المالح مع مرور الوقت. وتبين أن الإفراط في الملح في مرحلة مبكرة من الحياة قد يرتبط برغبة مستمرة لاحقة في الأطعمة المالحة. كما أن التعود على الطعم المالح قد يظل قائمًا حتى في فترات لاحقة من الحياة.

4- التوتر والضغط النفسي يؤدي إلى إفراز هرمون الكورتيزول، وهو ما قد يزيد الشهية والرغبة في أطعمة مالحة أو دهنية أو سكرية. كما يلجأ بعض الأشخاص إلى تناول الملح كوسيلة لتهدئة النفس في فترات التوتر المستمر.

5- قلة النوم تؤثر على الهرمونات المنظمة للشهية، وتزيد الرغبة في الأطعمة عالية السعرات بما في ذلك المملحات. وتشير الأبحاث إلى أن نقص النوم قد ينشط مراكز المكافأة في الدماغ، ما يعزز اشتهاء الأطعمة المالحة.

6- التعرق الزائد الناتج عن التمارين أو ارتفاع الحرارة قد يسبب شعورًا بالرغبة في الملح لتعويض الصوديوم المفقود. غالبًا ما تصاحبه عطش شديد وإرهاق وتغيرات في الطاقة.

7- اقتراب موعد الدورة الشهرية قد يشمل تقلبات في الشهية وتزايد الرغبة في الأطعمة المالحة، كما قد يجري ارتباطها بجفاف خفيف وتغيرات هرمونية. تؤثر هذه العوامل معًا في زيادة الاهتمام بنكهة الملح خلال هذه الفترة.

8- الصداع النصفي قد يظهر معه رغبة في تناول الأطعمة المالحة كعرض من أعراض ما قبل النوبة، وربما يكون ذلك جزءًا من آلية الجسم لتخفيف بعض الأعراض المصاحبة.

9- نقص الصوديوم في الدم قد يظهر كإشارة للرغبة الملحية في حالات نادرة، ويكون ذلك نتيجة القيء أو الإسهال أو استخدام المدرات البولية أو أمراض القلب والكلى.

10- نقص الحديد قد يترافق مع اشتهاء غير معتاد للملح، مع أعراض إضافية مثل التعب والدوخة وبرودة الأطراف.

11- حالات وراثية نادرة قد تؤثر على توازن الصوديوم في الجسم، مثل مرض أديسون أو متلازمة بارتر أو التليف الكيسي، ما يؤدي إلى فقدان الصوديوم وزيادة الرغبة في الأطعمة المالحة.

12- تناول أدوية معينة قد يسهم في زيادة الرغبة في الملح، خاصةً تلك التي تؤثر على الغدد الكظرية أو توازن السوائل، ويُنصح بعدم التوقّف عن أي دواء بدون استشارة الطبيب.

متى يجب القلق؟

من الطبيعي أن يشعر الشخص برغبة في تناول الأطعمة المالحة من حين لآخر، لكن استمرار هذه الرغبة لفترات طويلة مع ظهور أعراض غير معتادة مثل التعب الشديد أو الدوار أو العطش المستمر يستدعي استشارة الطبيب. يشير ذلك إلى احتمال وجود اختلالات في وظائف الجسم أو نقص في الصوديوم أو أمراض كامنة تحتاج إلى تقييم طبي. لذا يجب عدم تجاهل استمرار الرغبة في الملح وتقييم العادات الغذائية ونمط الحياة مع مختص.

الكمية الصحية من الصوديوم

توصي الإرشادات الغذائية بعدم تجاوز 2300 ملغ من الصوديوم يوميًا، بينما تنصح جمعية القلب الأمريكية بأن تكون الأقل من 1500 ملغ، خاصة لمرضى ضغط الدم. ويرتبط الإفراط في تناول الملح بزيادة مخاطر ارتفاع الضغط وأمراض القلب والسكتة الدماغية. كما يُنصح بقراءة الملصقات الغذائية واختيار المنتجات الأقل صوديومًا وتجنب المصادر المخفية للملح قدر الإمكان.

كيف تقلل الرغبة في تناول الملح؟

ابدأ بتذوق الطعام قبل إضافة الملح لتقييم المذاق الفعلي للنكهات الطبيعية. اعتمد في تقليل الملح على الاستعاضة بالأعشاب والتوابل الطبيعية التي تعزز النكهة بدون زيادة الملح. كما أن تقليل الأطعمة المصنعة والمعلبة يساهم في خفض الإجمالي اليومي من الملح. راقب ملصقات المنتجات واختر تلك منخفضة الصوديوم للحفاظ على توازن صحي.

استبدل الملح بالأعشاب والتوابل الطبيعية مثل الفلفل الأسود والكمون والريحان، مع الحفاظ على الطعم المقبول. يعزز هذا البديل من النكهات دون الاعتماد على إضافة كميات عالية من الصوديوم. كما يساعد في تقليل الاعتماد على الملح في الأطعمة المنزلية والجاهزة. يمكن تكرار هذه الاستراتيجية في وجبات الإفطار والغداء والعشاء بشكل متوازن.

قلل من تناول الأطعمة المصنعة والمعلبة التي غالباً ما تحتوي على صوديوم مضاف بشكل عالي. اختر خيارات طازجة أو مجمدة غير مضافة للملح، وتجنب الشوربات الجاهزة والصلصات عالية الملح. كما أن التحضير المنزلي يساعد على التحكم في كمية الملح بدقة أكبر. ابحث عن بدائل منخفضة الصوديوم بهذه الخطوات في الأسواق.

احرص على قراءة قيم الصوديوم الظاهرة على الملصق وتفضيل المنتجات التي تحتوي على أقل من 20% من القيمة اليومية الموصى بها. كما يوصى بالحد من المصادر الخفية للملح في المخبوزات والصلصات والجبن وغيرها. يعزز ذلك من التحكم في الإجمالي اليومي للملح بشكل أفضل.

انتبه لمصادر الملح الخفي مثل الخبز والصلصات والجبن، فهذه المصادر قد تضيف كميات كبيرة من الملح دون أن نشعر بذلك. ضع خطة لخفض استهلاك هذه المنتجات تدريجيًا، واستبدلها بخيارات أقل ملحًا أو محضرة في المنزل. يساهم ذلك في تقليل الرغبة في الملح مع مرور الوقت. وتتوفر بدائل صحية لتوصيل النكهة دون زيادة الملح.

شاركها.