يتساءل الكثيرون عن سبب استيقاظهم بنشاط في الليل وشعورهم بالإرهاق خلال النهار رغم محاولاتهم المستمرة للنوم. تشير تقارير طبية إلى أن السبب قد يكون خللاً في توقيت إفراز هرمون الكورتيزول، المعروف بهرمون التوتر. يفضي هذا الخلل إلى ظهور النشاط في أوقات غير مناسبة ويختفي حين يحتاجه الجسم بشدة. ترتبط الظاهرة بنمط الحياة الحديث مثل السهر واستخدام الشاشات والكافيين في الليل.
ما هو الكورتيزول ولماذا هو مهم
الكورتيزول هرمون تفرزه الغدد الكظرية وله أثر واسع على أجهزة الجسم. من وظائفه الأساسية تنظيم استخدام الجلوكوز كمصدر للطاقة وتقليل الالتهابات والمساعدة في ضبط ضغط الدم. كما يشارك في تنظيم دورة النوم والاستيقاظ، لذا فإن أي خلل في مستوياته قد ينعكس سلباً على الصحة العامة. يعتبر ارتفاع أو انخفاض الكورتيزول أمرًا يمكن أن يؤثر في اليقظة والتكيف مع الضغوط اليومية.
دورة الكورتيزول اليومية
يتبع الكورتيزول إيقاعاً يومياً طبيعياً حيث يرتفع في الصباح الباكر لمساعدة الجسم على الاستيقاظ ثم ينخفض تدريجيًا مع حلول المساء استعدادًا للنوم. تؤثر العوامل مثل السهر والتعرض للشاشات في الليل وتناول الكافيين في أوقات متأخرة على هذا الإيقاع، ما يجعل الشخص أكثر نشاطاً ليلاً وأكثر تعبًا نهارًا. ارتفاع الكورتيزول خلال الليل قد يسبب الأرق، بينما انخفاضه في الصباح يسبب التعب وتقلب المزاج وضعف التركيز. مع مرور الوقت قد يسهم الخلل في زيادة القلق، وتغير الوزن، ومقاومة الأنسولين.
لماذا يعاني الشباب أكثر
يعود ذلك إلى نمط الحياة الحديث خاصة بين فئة الشباب، حيث تتضمن العوامل جداول دراسية أو وظيفية مزدحمة. يسهر الشباب غالباً لمشاهدة المسلسلات أو ممارسة الألعاب، كما يلاحظ الإفراط في استخدام الهواتف ووسائل التواصل الاجتماعي ليلاً. وعدم انتظام مواعيد الوجبات وضغوط الدراسة والعمل قد تدفع الجسم إلى حلقة من التوتر واضطرابات الهرمونات. نتيجة ذلك، يزداد احتمال ارتفاع الكورتيزول ليلاً، فيظهر التعب النهاري بشكل مستمر.
كيف نستعيد توازن الكورتيزول
ينصح الأطباء باتباع خطوات بسيطة لإعادة ضبط الساعة البيولوجية. الالتزام بمواعيد نوم واستيقاظ ثابتة حتى في عطلات نهاية الأسبوع يساعد في استقرار الإيقاع. التعرض لضوء الشمس صباحاً وتخفيف الإضاءة مساءً يعزز اليقظة اليومية. كما يُوصى بممارسة نشاط بدني خفيف ويفضل في الصباح أو بعد الظهر لدعم الاستيقاظ خلال النهار.
التوتر عامل حاسم في التنظيم الهرموني
التعامل مع التوتر لا يقل أهمية عن النوم والتغذية. يمكن أن تساعد ممارسات مثل التأمل والمشي وتدوين الأفكار في خفض مستويات الكورتيزول وتهدئة الجسم. الكورتيزول ضروري للدورة الحيوية، ولكنه يعمل بشكل فعّال فقط عندما يُفرز في التوقيت المناسب. غالباً ما ينجم الخلل عن العادات اليومية وليس عن ضعف الإرادة.
خلاصة ونصائح عملية
تؤكد هذه المعطيات أن الكورتيزول ليس عدوًا للنوم بل عنصرًا أساسيًا في تنظيم اليقظة والطاقة. يظل الاعتماد على نمط حياة منتظم وتقليل العادات التي تشوش الساعة البيولوجية أمرًا ضروريًا. وتظهر الملاحظات أن تطبيق التوجيهات العملية يؤدي تدريجيًا إلى نوم أفضل وطاقة يومية أكثر استقرارًا.




