في زمن تتسارع فيه الشهرة وتذوب فيه المعايير، يبرز الفنان السوري المقيم في دولة الإمارات كنموذج مختلف، استطاع أن يحجز مكانه بثبات، معتمداً على عمل فني يحمل رسالة، ومحتوى رقمي ينبع من الواقع العائلي والإنساني.
بين الأغنية الوطنية “نيالا”، والحضور اللافت على منصات التواصل، والترشّح لجائزة Digital Creator Award، تتشكل ملامح تجربة متوازنة ترى في الفن مسؤولية قبل أن يكون أضواء.
في هذا الحوار، نغوص في العمق… بعيداً عن العناوين السطحية.

أغنية “نيالا” حملت طابعاً وجدانياً واضحاً… كيف وُلد هذا العمل؟

ولدت من شعور داخلي صادق بأن الإنسان اليوم بحاجة لمن يذكّره بقوته وبقدرته على النهوض. جاءت “نيالا” كتعبير عن الإيمان بالوطن، وبالإنسان الذي لا يستسلم مهما قست الظروف. لم تكن فكرة تجارية بقدر ما كانت حاجة روحية وفكرية لتقديم عمل يمنح الأمل ويُشبه الناس.

ما الذي أردت قوله من خلال “نيالا” بعيداً عن الإطار الموسيقي؟

الرسالة الأساسية كانت التأكيد على أن الأمل خيار، وأن الانتماء للوطن ليس شعاراً بل سلوكاً وإيماناً. الأغنية تتحدث عن الصبر، وعن التمسك بالحلم، وعن طاقة داخلية لا يستطيع أحد انتزاعها من الإنسان مهما كانت التحديات.

كيف تقيّم نضجك الفني اليوم مقارنة بمراحل البدايات؟

هناك فرق كبير بين من يغنّي ليُسمَع، ومن يغنّي ليقول شيئاً. في البدايات كان البحث عن الذات طبيعياً، أما اليوم فهناك وعي أكبر بالرسالة، وبأهمية الكلمة، وبضرورة أن يكون كل عمل إضافة حقيقية للمسيرة وليس مجرد رقم.

نجاح “عطر العود” شكّل منعطفاً مهماً… ماذا تغيّر بعده؟

هذا العمل وضعني أمام مسؤولية مضاعفة. النجاح لا يعني التكرار، بل التطور. بعده أصبحت أكثر حرصاً على اختيار الأعمال التي تعيش طويلاً، وتلامس الناس بصدق، بعيداً عن الاستسهال أو اللهاث خلف الترند.

تمزج بين الغناء، التمثيل، وصناعة المحتوى… كيف تحافظ على هذا التوازن؟

التوازن يأتي من القناعة بأن كل مجال يخدم الآخر إذا كان منسجماً مع الهوية الشخصية. التنوع ليس تشتيتاً عندما يكون نابعاً من شغف حقيقي، بل مساحة أوسع للتعبير والوصول إلى شرائح مختلفة من الجمهور.

ترشّحك لجائزة Digital Creator Award، ماذا يمثّل لك على المستوى الشخصي؟

يمثّل اعترافاً بقيمة المحتوى النظيف والعائلي. الترشيح بحد ذاته رسالة بأن العمل الصادق يجد طريقه، حتى في زمن المنافسة الشرسة. وهو أيضاً دافع للاستمرار وتقديم الأفضل.

تمثيل سوريا في هذا المحفل العربي، كيف تنظر إليه؟

هو شرف ومسؤولية كبيرة. سوريا بلد غني بالثقافة والمواهب، وتمثيلها يعني تقديم صورة مشرّفة عن الإنسان السوري الطموح، القادر على النجاح أينما كان.

الإمارات… أرض الفرص والسلام

كيف تصف علاقتك بدولة الإمارات على الصعيد الإنساني والمهني؟

هي علاقة امتنان قبل أن تكون علاقة عمل. هنا وجدت الأمان، والاستقرار، والفرص الحقيقية المبنية على الجهد والموهبة. الإمارات منحتني بيئة صحية للنمو، وشعوراً بأن الاجتهاد يُكافأ.

لماذا تُعتبر الإمارات أرض السلام والنجاح من وجهة نظرك؟

لأنها نموذج للتعايش، ولأنها تفتح أبوابها لكل من يسعى بصدق. السلام هنا ليس شعاراً، بل أسلوب حياة، وهذا ينعكس على التطور السريع، وعلى دعم المبدعين، وعلى صناعة مستقبل حقيقي.

نانسي والعائلة

نانسي حاضرة بقوة في حياتك… ماذا تمثّل لك؟

هي السند الحقيقي والرفيق الصادق في الرحلة. كانت موجودة في لحظات التعب قبل الفرح، وفي المراحل التي لم يكن فيها شيء مضمون. وجودها منحني الاستقرار والثقة.

فاجأتها بهدية شقة فاخرة في دبي… ما الرسالة خلف هذه الخطوة؟

كانت رسالة شكر ووفاء. الهدية ليست بقيمتها المادية فقط، بل بمعناها. أردت أن أقدّم لها شيئاً يحمل أماناً للمستقبل، ويعبّر عن تقديري لدورها في حياتي، إضافة إلى كونه استثماراً ذكياً.

كيف غيّرتك العائلة على المستوى الفني والإنساني؟

العائلة تجعل الإنسان أكثر نضجاً ومسؤولية. اليوم أصبحت أفكر كثيراً قبل أي خطوة، وأسأل نفسي عن الأثر، وعن الصورة التي أتركها. هذا انعكس مباشرة على اختياراتي الفنية والمحتوى الذي أقدّمه.

الجمهور يشعر بصدق العلاقة بينك وبين نانسي… ما سر هذا القرب؟

لأن ما يُعرض هو الواقع كما هو، دون تصنّع. الصدق يصل دائماً، والناس تميّز بين العلاقة الحقيقية والمصطنعة. نحن نعيش ببساطة، وهذا ما يراه الجمهور.

كيف تحافظ على خصوصية عائلتك في ظل الشهرة؟

هناك خطوط واضحة لا يمكن تجاوزها. أشارك اللحظات الجميلة، لكن الحياة الخاصة لها قدسيتها. الشهرة لا تعني أن يتحوّل كل شيء إلى مادة للنشر.

تستعد لتقديم سكتشات رمضانية جديدة… ماذا سيجد الجمهور هذا العام؟

سيجد محتوى قريباً من القلب، نابعاً من البيت العربي، يحمل الضحكة والرسالة في آنٍ واحد. الهدف هو تقديم بهجة نظيفة تشبه العائلة العربية.

ما التحدي الأكبر اليوم في عالم الفن وصناعة المحتوى؟

الاستمرارية مع الحفاظ على القيم. من السهل أن تنتشر، لكن الأصعب أن تبقى صادقاً مع نفسك ومع جمهورك في ظل هذا الزخم الكبير.

كلمة أخيرة للجمهور الذي يرافقك في هذه الرحلة؟

الامتنان أولاً وأخيراً. هذا الجمهور هو الدافع الحقيقي للاستمرار. الوعد الدائم هو تقديم أعمال صادقة، تشبه الناس، وتحترم عقولهم ومشاعرهم، والأجمل دائماً قادم.

شاركها.