تواجه منصات التجارة الإلكترونية في الصين ظاهرة جديدة تتمثل في الصور المزيفة التي تولدها تقنيات الذكاء الاصطناعي بغرض إثبات تلف المنتجات وطلب استرداد الأموال. وتتصاعد هذه الظاهرة خلال فترات مهرجان التسوق حيث يتلقى الباعة صوراً لسلع تدّعى تلفها ثم يتضح لاحقاً أنها معدلة. وتشمل الأمثلة المزيفة فواكه تبدو تالفة وفرش أسنان تبدو صدئة، وتستخدم هذه الصور كدلائل لإجراءات الاسترداد. وتثير هذه الممارسات قلقاً متزايداً لدى التجار والمشترين على حد سواء لأنها تشوه مناخ الثقة في التسوق عبر الإنترنت.
شكا البائعون من تزايد حالات التلاعب؛ فمثلاً أرسل عميل صورة لفرشاة أسنان كهربائية تبدو صدئة وادعى استرداد المبلغ الكامل. ودُجدت أمثلة أخرى لفستان واحد يفقد خيطاً عند الياقة ثم تبين أن التعديل التقني أتاح ظهور فروقات في الإضاءة وعلامات التوليد. وفي حالة أخرى أرسل عميل صورة كوب سيراميك بتشققات تشبه شبكة العنكبوت ثم تراجع عن الطلب بعدما طُلب منه إرسال فيديو. وتؤكد الشكاوى أن هذه الحالات تعيق تجربة التجارة وتُرهق المتاجر من التحقق من صحة الادعاءات.
ردود المنصات وتحديات الكشف
تعتمد بعض المتاجر أجهزة كشف مدعومة بالذكاء الاصطناعي لتقدير احتمال تزييف الصورة، ولكن الدقة لا تصل دائماً إلى اليقين. ويواجه التجار تحدياً من جماعات تعرف بـ”جزّازو الأغنام” الذين يستغلون سياسات الاسترداد لمكاسب شخصية. وتشير تقارير إلى أن سياسات المنصات تميل في كثير من الأحيان لصالح المشترين حتى في الطلبات غير المعقولة، فيما يلجأ بعض البائعين إلى تزيين صورهم أو إنشاء خلفيات ونماذج مصطنعة لرفع جودة الصور. وهذه التطورات تزيد من صعوبة التحقق وتدفع إلى تطوير آليات كشف أكثر فاعلية.
أوضح بعض المفتشين أن أجهزة الكشف ليست دقيقة بنسبة مئة في المئة وتحتاج إلى استثمارات وتحديثات مستمرة. وتشير تقارير إلى وجود استغلال من قبل بعض الأفراد للسياسات عبر تقديم ادعاءات غير منطقية. وتؤكد السياسات أن بعض المنصات تميل لصالح المشترين في كثير من الحالات، بينما يلجأ بعض البائعين إلى استخدام الذكاء الاصطناعي لتجميل الصور أو إنشاء خلفيات ونماذج مصطنعة. وتبقى الحاجة ماسة إلى أدوات تحقق أكثر تطوراً وتكامل بين التقنية والقانون.
التدابير التنظيمية وتطبيقها
أعلنت منصات التسوق إلغاء خيار “استرداد الأموال فقط” في أبريل، وأطلقت تاوباو وتي مول نظاماً لتصنيف ائتمان المشترين بناءً على سجل الشراء والاسترداد وردود فعل البائعين. ومع بدء تطبيق قواعد جديدة في الأول من سبتمبر، صار من الضروري وضع تصنيف واضح لأي محتوى منشئ بالذكاء الاصطناعي وتحديد معايير الكشف عنه. ويشير خبراء إلى أن أجهزة الكشف الحالية ليست دقيقة بشكل كامل وتستلزم استثماراً مستمراً وتحديثات تقنية. ويؤكد محامون أن استخدام صور مولدة بالذكاء الاصطناعي لاسترداد مبالغ قد يندرج ضمن الاحتيال ويستدعي إجراءات رادعة.
تشير التوقعات إلى ضرورة فرض إجراءات أكثر صرامة على من يثبت استخدامه الصور المزيفة، بينما يرى مراقبون أن طلب أدلة فيديو قد يكون خطوة فعالة. وتبرز أهمية وضع إرشادات واضحة وآليات تحقق تضمن حماية المستهلكين وحقوق البائعين معاً. تبقى الحاجة ملحة لتطوير الإطار التنظيمي وتحديث آليات التحقق عبر تقنيات حديثة وتعاون مستمر بين الجهات الرقابية والمنصات.




