أعلنت ناسا عن تخطيط دقيق للسفر خارج الأرض يغطي الإطلاق والعودة وتجاوز العوائق، لكنها لم تضع خطة كافية لإدارة الحاجة البشرية للتبول والتبرز أثناء المهمة. وفي 5 مايو 1961 أصبح آلان شيبرد أول أميركي يصل إلى الفضاء، وخلال الانتظار الطويل قبل الإطلاق لم يحصل على فرصة للذهاب إلى الحمام. واضطر وهو مرتدٍ بدلة الفضاء إلى إتمام الحاجة داخل البدلة، فنتج عن ذلك تماس في أجهزة القياس الحيوية نتيجة غياب نظام خاص بجمع البول.
بدأت ناسا لاحقاً بتطوير أدوات التبول تدريجيًا، فظهرت أواخر الستينيات أداة تعرف بأصفاد اللف المصنوعة من اللاتكس مع أنبوب ومشبك وحقيبة تجميع، لكنها لم تكن مناسبة للنساء وتعرضت للتسرب أحياناً. ومع مرور الوقت طرحت الوكالة خيارات أكثر كفاءة وتوازناً، وتنوعت الحلول من أشرطة الفخذ ونظام احتواء البول إلى وحدات أخرى. أما مهمات Gemini وأبولو فكانت تعتمد في البداية على أكياس خاصة بالبراز ثم تطورت إلى أنظمة احتواء أكثر فاعلية.
التطور التاريخي للمراحيض الفضائية
كان التحدي الأول للبراز جزءاً أساسياً من الأبحاث في بدايات الفضاء، فكانت مهمات Gemini وأبولو تستخدم أكياساً لالتقاط الفضلات والتعامل معها لاحقاً. ثم ظهر نظام احتواء للبراز يعتمد على سروال داخلي قصير ببطانات ماصة ومادة لاصقة، مع صمامات ومشابك وحقيبة تجمع. ورغم ذلك ظل الأداء غير ثابت، حيث حدثت حوادث تسرب أثناء بعض المهمات.
شهدت محطة سكاي لاب الدخول في عصر المرحاض الفضائي المتطور، فكان أول مرحاض في المحطة عبارة عن فتحة في الجدار مع مروحة وكيس بلاستيكي، وبعد قضاء الحاجة كان الرواد يجففون الفضلات باستخدام شفط كهربائي ثم يرسلونها إلى حاويات النفايات عبر جهاز شفط. ومع تقدم المحطة وتوسع مهامها صار من المهم اعتماد تصميمات تسمح بالجلوس وبإحكام في تثبيت المقعد ومنع انجراف أي مواد. وفيما بعد أُدخل مرحاض روسي الصنع إلى محطة الفضاء الدولية، وتكلفته بلغت نحو 19 مليون دولار وجرى توظيفه لدعم إعادة تدوير البول.
التعامل مع الدورة الشهرية في الفضاء
كانت رائدات الفضاء أول من خاض هذه التجربة، فاعتبر الخبراء أن الدورة الشهرية مستمرة كما هي على الأرض، مع وجود خيارات لإيقافها مؤقتاً بالأدوية الهرمونية خلال المهمات القاسية. وجرى اقتراح إرسال عدد من السدادات القطنية في مهمة استكشافية أمريكية مبكرة، لكن مهندسي الوكالة أبلغوا بأن تقليل العدد ممكن بدون مشكلة. وتُقدر نسبة الدم المفقود خلال الدورة الشهرية عادة بنحو 60 مل، وربما تصل إلى 80 مل في حالات غزيرة، وتختلف الاحتياجات بين النساء وتؤثر في تخطيط الموارد والمواد الصحية للمهمات الطويلة.
في 2018 أنفقت ناسا 23 مليون دولار لتطوير مرحاض فضائي متطور، التصميم الجديد يضم خراطيم وقمعاً للبول ومقعداً مرتفعاً للبرز، مع أذرع ومقابض لتثبيت المستخدم أثناء العمل. يمكن للرواد الجلوس عند التبرز أو الوقوف عند التبول، وتُشغَّل وحدة الشفط فور رفع الغطاء لمنع أي جسم من الانجراف. كما يعتمد النظام على إحكام تثبيت المقعد وتسهيل التنظيف وتقليل الروائح لتوفير بيئة عمل آمنة للطاقم.
توضح المحطة الدولية أن البول يُعاد تدويره بنسبة تصل إلى 90% ليصبح ماءً صالحاً للشرب، وتُعاد أحياناً عينة البراز إلى الأرض للدراسة، فيما تحترق النفايات في الغالب في الغلاف الجوي عند التصعيد. ولا تزال معاناة المرحاض في الفضاء مستمرة بحسب تصريحات رائدة فضاء متقاعدة، فالتجربة تضطر البشر إلى الاعتماد على تقنيات متقدمة وتعديلات مستمرة لضمان النظافة والصحة وسلامة المعدات أثناء العيش خارج الأرض.




