تكشف المصادر أن صعوبات التواصل مع المراهقين تنشأ عندما يواجه الأبوان صراعاً بين الرغبة بالاستقلال والخوف من فقدان السيطرة. يتجاهل الأبناء أحياناً الكلام ويرفعون صوتهم أو يتظاهرون بعدم السماع، ما يجعل التواصل يبدو مهمة مستحيلة. الواقع أن هذا السلوك يعكس مرحلة معقدة يمر بها المراهق بينما يحاول التوازن بين الحرية والقيود. وعلى الوالدين أن يعرفا أن المفتاح ليس في الأمر بالإكراه بل في فهم الأسباب والبحث عن أساليب تواصل فعّالة.
فخ الصراع على السيطرة
فخ الصراع على السيطرة هو أحد أبرز الأخطاء التي يقع فيها الآباء حين يدخلون في معركة مباشرة حول من يملك القرار. كلما حاولت فرض الانتباه أو الحديث أثناء غضبه، زادت مقاومته وتجاهله. المراهق بطبيعته يراقب ردود فعلك ويعرف كيفية الضغط على نقاط ضعفه، فتفقد النقاشَ طابعَه التربويّ ويتحوّل إلى معركة سلطة.
الذكاء هنا هو تجنّب الدخول في هذه المعركة والانشغال بأسلوب الحوار نفسه. عند مواجهة تجاهل المراهق، يجب أن تتصرف كما لو أنه يسمعك وتتكلم بوضوح وبهدوء بدون رفع صوت أو تكرار الكلام. ضع قواعد بسيطة واضحة مثل شرط تنظيم الغرفة قبل الحصول على الهاتف أو الالتزام بمواعيد محددة، وبذلك ترسل رسالة بأن لا نقاش حول القاعدة نفسها بل الالتزام بها. ويؤدي الحفاظ على الاتزان إلى تعزيز الثقة وتيسير الالتزام.
التعامل مع التجاهل بذكاء وهدوء
ابدأ بأن تُظهِر أنك تسمع وتتكلم بوضوح وهدوء، ولا ترفع صوتك ولا تكرر الكلام مراراً. حدد القواعد ببساطة ولا تجعل النقاش عاطفياً، مثل أن تقول: “لكي تحصل على الهاتف غدًا، يجب أن تنظم غرفتك”، وبذلك ترسل رسالة واضحة بأن الأمر ليس نقاشاً بل قاعدة ثابتة يتحمل تطبيقها أو تحمل نتيجتها. عند ظهور التجاهل، تجنّب الدخول في جدال فالمراهق يراقب ردود فعلك ويختبر صبرك، وبالتالي فإن التعامل الهادئ يبعده عن تحويل القضية إلى معركة سلطة. ويفهم في النهاية أن الاتزان يؤدي إلى وضوح في التوقعات ويزيد احتمال الالتزام.
تؤكد هذه النقاط أن التربية خلال هذه المرحلة لا تعتمد على السيطرة بل على الاستماع والاتفاق على القواعد. ومن خلال التفاعل بهدوء وبناء مع المراهق، يمكن تقليل الصراع وتحسين التواصل. يصبح الحوار أكثر معنى عندما يراعي احتياجاته وتوقعاته مع الحفاظ على حدود واضحة.




