تعلن الجهود الحديثة في هندسة الأنسجة العصبية عن نموذج أنسجة الدماغ الجديد، وهو أكثر تفصيلاً من النماذج السابقة وهو اصطناعي بالكامل. يهدف إلى محاكاة البنية المعقدة لبيئة الدماغ والمصفوفة خارج الخلية التي تدعم نمو الخلايا العصبية وتطورها واتصالها. تتميز هذه البيئة بدقة تنظيمها وقدرتها على حمل إشارات توجه سلوك الخلايا وتفاعلها. على الرغم من أن النماذج الثلاثية الأبعاد المهندسة تملك إمكانات كبيرة لمحاكاة بنية الدماغ ووظائفه، فإن إعادة إنتاج التفاصيل التصميمية الدقيقة في المختبر تظل صعبة بسبب إهمال جزيئات دقيقة تتحكم بسلوك الخلايا.

ابتكار نظام BIPORES

ابتكر فريق من جامعة كاليفورنيا ريفرسايد نسيجاً وظيفياً شبيهاً بالدماغ دون الاعتماد على مواد مشتقة من الحيوانات أو طلاءات بيولوجية. أطلقوا عليه نظام بيجل المتكامل المسامي المهندس BIPORES، وهو منصة مصنعة بالكامل لهندسة الأنسجة العصبية، وقد يسهم في تقليل الاعتماد على أدمغة الحيوانات في الأبحاث وربما التخلص منها مستقبلاً. المادة الأساسية فيه هي بولي إيثيلين جلايكول PEG، وهو بوليمر محايد كيميائياً يشبه التفلون في تعامله مع الخلايا، حيث ينزلق بسهولة ولا يلتصق إلا عند دعمه ببروتينات مثل الللامينين أو الفيبرين.

بنية مسامية تدعم النمو العميق

في أعمال سابقة طور الباحثون تقنية STrIPS لإنتاج جزيئات دقيقة وألياف وأغشية ذات هياكل اسفنجية، لكنها كانت محدودة السماكة عند نحو 200 ميكرومتر، مما يحد من حركة الجزيئات داخل المادة. وللتغلب على هذه القيود طور فريق البحث نظاماً يجمع بين أشكال ليفية واسعة النطاق وأنماط مسامية معقدة مستوحاة من هلاميات مستحلبة ثنائية الترابط. ويرتبط ذلك بتحقيق حركة جزيئية أوسع وتوفير بيئة أكثر تشابكاً مع الدماغ الحقيقي.

شبكة من الأعضاء المصغرة المتصلة

قال برينس ديفيد أوكورو، المؤلف الرئيسي للدراسة، إن استقرار الهيكل الهندسي يسمح بإجراء دراسات طويلة الأمد وهو أمر مهم لأن خلايا الدماغ الناضجة تعكس وظائف الأنسجة الحقيقية عند دراسة الأمراض أو الصدمات. استخدم الفريق مزيجاً سائلاً من PEG والإيثانول والماء لصنع السقالة التي يبلغ عرضها نحو مليمترين، وهو ما يمثل خطوة نحو زيادة حجمها مستقبلًا. كما نشر فريق البحث ورقة تقترح إمكانية تطبيق النهج نفسه في إنشاء أنسجة كبد. وتتوخى هذه النماذج في المستقبل رصد تفاعل أنسجة مختلفة في نظام واحد مع العلاجات.

التطبيقات وآفاق مستقبلية

وقالت نوشادي، الأستاذة المشاركة في الهندسة الحيوية، إن هذا النظام يتيح رؤية تفاعل الأنسجة المختلفة مع العلاج نفسه ومعرفة كيف يؤثر خلل في عضو على آخر. وتعتبر هذه خطوة نحو فهم أكثر تكاملاً لبيولوجيا الإنسان والأمراض. من منظور المحاكاة الحيوية يعزز النهج من قدرات أنظمة الدماغ كأداة لدراسة الأمراض واختبار الأدوية وتطوير علاجات مستقبلية لإصلاح الأنسجة العصبية التالفة أو استبدالها، مع هدف تقليل الاعتماد على النماذج الحيوانية في البحث والتطوير.

شاركها.