تشير دراسة علمية حديثة إلى أن القمر ربما لم يتكوّن نتيجة اصطدام مع جسم سماوي بعيد كما كان يُعتقد لسنوات طويلة، بل ربما نتج عن ارتطام كوكب ناشئ قريب من الأرض في بدايات تشكل النظام الشمسي. وتستند النتائج إلى تحليل عينات من مهمات أبولو وصخور جيولوجية قديمة. كما تشير إلى وجود تطابق في نظائر الحديد والموليبدينوم بين الأرض والقمر، ما يدعم أن ثيا كان كوكبًا صخريًا قريبًا من الأرض في الأصل.
أدلة كيميائية وتفسير مقترح
يقدر الباحثون كتلة الكوكب العابر ثيا بنحو 5 إلى 10% من كتلة الأرض، وأنه كان جارًا للأرض ووجوده في البيئة نفسها التي تكوّنت فيها الأرض. كما اعتمدت الدراسة على صخور كيلاويا البركانية في هاواي ونيازك قد وجدت في القارة القطبية الجنوبية، ثم قارنت النتائج بنماذج حاسوبية متقدمة، فوجدت أن السيناريو الأقرب هو أن ثيا كان جزءًا من البيئة الكوكبية التي تشكّلت فيها الأرض. ويتقاطع ذلك مع نماذج أخرى تدعم فكرة أن ثيا كان جزءًا من المحيط الكوكبي الأقرب إلى الأرض.
وترى الدراسة أن الأرض وثيا في بدايات تكوّنهما احتويا على مواد مصدرها مناطق قريبة من الشمس، وهي عناصر لا تظهر عادة في النيازك، ما يفتح بابًا أمام فرضيات جديدة حول نوعية المواد التي شاركت في تكوين الكوكبين. ويأمل العلماء أن تساعد عينات مستقبلية من كوكبي الزهرة أو عطارد في توضيح هذه الفجوة العلمية وفهم مكوّنات هذا “العالم المفقود” بشكل أدق. ويعمل الفريق العلمي الآن على محاولة فك لغز كيفية امتزاج مادتي الأرض وثيا بعد الاصطدام واندماجهما الكامل، وهو السؤال الذي قد يشكل الفصل الأخير في قصة تشكّل الأرض والقمر.
نتائج وتداعيات مستقبلية
ينسجم هذا الاستنتاج مع إعادة تشكيل صورة البداية في تاريخ النظام الشمسي، وهو ما يمهد لفهم أعمق لتكوّن الأرض والقمر. تبيّن أن وجود ثيا بجوار الأرض يعيد النظر في فرضيات حدوث الاصطدامات والطريقة التي تشكّلت بها الأجرام السماوية في تلك الحقبة. يبقى السؤال مفتوحًا حول آليات امتزاج مادتي الأرض وثيا بشكل نهائي، وهو ما سيحدّد بعض التفاصيل الأساسية في تاريخ النظام الشمسي المبكر.




