التحدي الجديد للمتصفحات
تواصل كروم تعزيز موقعه كالمتصفح الأكثر استخدامًا حول العالم، مع اعتماد ملايين المستخدمين عليه كمرجع يومي للإنترنت. يشير المحللون إلى أن هذه الهيمنة تواجه اختبارًا مع صعود المتصفحات الذكية التي تقودها مشاريع مثل أطلس من OpenAI وكوميت من Perplexity. لا تقتصر التغييرات على الواجهة أو السرعة بل تشكل ثورة في طريقة تفاعل المستخدمين مع الويب وتوقعاتهم من المتصفح.
تطرح هذه المنصات الذكية تجارب متقدمة تدفعها تقنيات الذكاء الاصطناعي نحو نموذج يتجاوز مجرد التصفح. يركز كل من أطلس من OpenAI وكوميت من Perplexity على تحويل المتصفح إلى أداة مساعدة رقمية قادرة على فهم المعلومات وتنظيمها وتقديم الاستنتاجات. يرى المراقبون أن إنتاجية المستخدم ترتفع عندما تتحول عمليات البحث والتحليل إلى مهام يمكن أن يقوم بها المتصفح بشكل آلي وليكون ذلك أساساً لتغيير أدوار المتصفح.
أطلس وكيل رقمي
أطلقت OpenAI الأطلس كأداة متصفح تهدف إلى التحول إلى وكيل رقمي يمكنه تنفيذ المهام اليومية عبر وضع الوكيل، وهو متاح للمشتركين المدفوعين. يضيف الأطلس شريطاً جانبياً مدمجاً مع ChatGPT يوفر ملخصات فورية ومساعدة في الكتابة، ويتيح للمتصفح فتح الصفحات والنقر على الأزرار وملء النماذج تلقائياً لإكمال مهمة محددة. يسمح النظام بملء هذه الوظائف تلقائيًا في إطار ما يتاح من قدرات، وتثير ملامح الخصوصية أسئلة حول تخزين البيانات والتبعات الخلفية للنشاط.
يرى أنصار OpenAI أن الأطلس يمثل قفزة في الإنتاجية الشخصية، حيث يسهّل إنجاز المهام بسرعة مع تقليل الجهد. تتميز واجهة الأطلس بوجود ذاكرة قراءة تابعة للمستخدم تذكر سياق المشاريع وتستمر عبر جلسات متعددة، وهو ما يعزز الاستمرارية في العمل ولكنه يثير مخاوف الخصوصية. يشير النقاد إلى أن حجم البيانات المخزنة في الخلفية بحاجة إلى ضوابط واضحة لضمان الاستخدام الآمن للمعلومات الحساسة.
Perplexity الباحث المدروس
يعرف Perplexity Comet نفسه كباحث يركّز على فهم المعلومات وتقديم إجابات موثقة بالمراجع، لا كأداة تنفذ التعليمات فقط. يجمع Comet البيانات من مصادر متعددة ويعرِض إجابات مركبة مدعّمة باستشهادات، ما يجعله خياراً مناسباً للطلاب والباحثين والمحللين. وتُبرز ميزة “مساحة العمل” التي تسمح بتجميع عدة علامات تبويب ضمن مشروع واحد ثم طرح سؤال تحليلي حول المخاطر أو الخيارات المختلفة.
تقرأ Comet الصفحات المفتوحة وتفهم محتواها لتقدّم إجابة دقيقة، كما تحتفظ بما يُعرف بذاكرة النوايا الدائمة التي تعيد المستخدم إلى هدفه من المشروع دون فقدان السياق. يرى الخبراء أن Comet يتفوق في تنظيم كميات كبيرة من المعلومات وتحويلها إلى معرفة قابلة للاستخدام، مع سرعة استيعاب عالية ودقة متزايدة. ويؤكد مسؤولو Perplexity أن الشركة تسعى إلى تعزيز بدائل الوصول إلى الإنترنت وتوفير أدوات بحث أكثر تماسكاً من الاعتماد على جهة واحدة فقط.
كروم وتكامل Gemini
أعلنت جوجل عن تحديث رئيسي يدمج Gemini الذكي مباشرة داخل متصفح كروم، فيتيح التلخيص التلقائي للصفحات واستدعاء المحتوى من الزيارات السابقة وتوليد تلخيصات متعددة للعلامات المفتوحة. يعزز هذا التكامل العمل في بيئة جوجل عبر إمكانات مثل فتح رسائل البريد الإلكتروني من جهات الاتصال والمساعدة في مراجعة التقويم والبحث عن مطاعم قريبة عبر خرائط جوجل. تظهر أيضاً خطط لإطلاق إمكانات الوكلاء في كروم التي ستسمح بتنفيذ مهام متعددة الخطوات بشكل آلي، بهدف منافسة الأطلس في مستوى الأتمتة وكفاءة الأداء.
يتركز الهدف من هذه التحولات على توفير تجربة متكاملة تتسق مع بقية خدمات جوجل وتغيّر الطريقة التي يتفاعل بها المستخدمون مع الويب، مع الإشارة إلى أن الأتمتة والتكامل العميق قد يغيران مفهوم الاعتماد على متصفح واحد في إنجاز المهام اليومية. يرى المراقبون أن التنافس بين الأطلس وجيميني وكروم لا يعود للمظهر أو الإضافات فحسب، بل يعتمد على مستوى الذكاء الاصطناعي وراء كل منتج وكيفية استغلاله لسياق المستخدم. وفي ظل هذه التطورات، يظل وضوح السياسة الخاصة بالخصوصية في صدارة القضايا المطروحة على الطاولة.




