تسعى مصر إلى فتح فصل جديد من تاريخها بافتتاح المتحف المصري الكبير، وهو صرح سيحكي ملحمة حضارة أذهلت العالم. يتجلّى من الداخل أثر عبقرية الفراعنة في كل قطعة، ليس فقط في الأقنعة الذهبية والتماثيل والعجلات الحربية ومقابرهم، بل أيضًا في قصص الجمال التي جرى اعتمادها للحفاظ على البشرة والشعر. حين تُفتح أبواب هذا الصرح العظيم، لا تُقدَّم المومياوات فحسب، بل يُمنح إرث جمالي يمكن تطبيقه في المنزل خلال دقائق معدودة. من هذا المنطلق، يكشف موقع الجمال عن أسرار جمالية لن تُنسى على خطى ملوك الحضارة الفرعونية؛ وكيف يمكن ترجمتها إلى روتين عصري بسيط.
أسرار البشرة الملكية
تُستخدم مقشرات من ملح البحر مع زيت الزيتون أو زيت اللوز وأوراق النعناع المفرومة حتى يتجانس المزيج، وتوزع على البشرة مع دلك خفيف ثم تُترك خمس دقائق قبل الشطف بالماء البارد. يزيل الملح الأوساخ والخلايا الميتة، ويرطب الزيت البشرة ويمنحها انتعاشًا مع رائحة النعناع. يُظهر القناع النيلي نيلاً كان أم أبيض أثرَ الطبيعة في تنقية البشرة وتهدئة الجلد، وتُرفع القشرة عند استعماله مع ماء الورد وعسل النحل حتى يتحقق القوام المتجانس. يطهّر الطين المسام ويمتص الشوائب، بينما يترك ماء الورد البشرة مفعمة بالنضارة ويرطب العسل البشرة بعمق. 
تُسهم هذه الوصفات في تعزيز إشراق البشرة ونضارتها من خلال مكونات نيلية ووردية مستمدة من بيئة النيل ونباتاته. كما تُبرز الاستفادة من العناية بالبشرة اعتمادًا على موارد طبيعية متاحة، وتُعزز من التوازن الحيوي للبشرة بمرور الوقت. تسهم النتائج في تقديم روتين بسيط يمكن تطبيقه في عصر الرقمنة دون تعقيد.
أسرار العناية بالبشرة والحمام الملكي
يُستبدل حليب الحمير بالحليب البودرة كبديل عملي، وتُضاف ملعقتان كبيرتان من العسل إلى ماء الاستحمام الدافئ مع بضع قطرات من زيت اللافندر أو الورد لتعزيز الرائحة والتأثير. يساعد حمض اللاكتيك في الحليب على إزالة الخلايا الميتة وترطيب البشرة، في حين يعمل العسل كمضاد للبكتيريا ومرطب عميق. تُظهر هذه الممارسات تطبيقًا سهلًا وفعّالًا يعزز من نعومة البشرة وإشراقها دون تعقيد. كما أن الاستحمام بماء دافئ وتدعيمه بمكونات طبيعية يساهم في توازن البشرة ومرونتها على المدى الطويل.
مكونات طبيعية اعتمدت عليها الملكات
زيوت نباتية: كان زيت الخروع النجم الأول للعناية بالشعر، واستخدمته الملكات لتطويل الشعر وتكثيفه وترطيب فروة الرأس ومكافحة القشرة وتعزيز صحة الحواجب والرموش. استخدم زيت الزيتون كمرطب شامل للبشرة والشعر لغناه بمضادات الأكسدة وفيتامين E، بينما كان زيت اللوز الحلو خيارًا مفضلًا للبشرة الحساسة ومنطقة حول العين لخفّته وخصائصه المرطبة. أكدت البرديات أن زيت السمسم كان يُستخدم في التدليك وحماية البشرة من حرارة الشمس بفضل خصائصه الواقية من الأشعة فوق البنفسجية. ويُعد زيت النخيل من الزيوت الفاخرة التي استُخدمت لترطيب البشرة والشعر وإضفاء لمعان صحي.
أعشاب ونباتات عطرية: استخدم هلام الصبار لتهدئة الحروق وترطيب البشرة وشفاء الجروح، كما ساهم البابونج المنقوع في تفتيح لون الشعر وإضفاء لمعان ذهبي وتهدئة البشرة المتهيجة. ساعد إكليل الجبل في غسولات الشعر قديمًا على تحفيز الدورة الدموية في فروة الرأس وتعزيز نمو الشعر. استخدم العرقسوس في الحمامات التجميلية للحضارة الفرعونية لتهدئة البشرة وعلاج البقع، بينما ظل النعناع أحد أسرار الجمال في مقشرات وغسولات الشعر. كما استُخدمت الحناء منذ العصور الفرعونية لصبغ الشعر وتقويته ومكافحة قشرة الرأس. ولا ننسى الخيار الذي كان من أسرار الجمال المصاحب لتهدئة منطقة تحت العين وتخفيف الانتفاخات.
الزهور والعطور: كان ماء الورد مفعوله منشطًا للبشرة بفضل قدرته على الترطيب وتوازن PH، كما استخدم زيت اللوتس لصناعة العطور وزيوت الجسم. يُعد اللبان العطري من أسرار العناية بالعطور وبشرة متينة بفضل خصائصه القابضة.
منتجات النحل والأملاح والمعادن: كان عسل النحل مضادًا حيويًا طبيعيًا ومُرطبًا أوليًا للبشرة، وأثبتت جدران المعابد استخدامه في علاج الحبوب والالتهابات وترطيب البشرة والشعر وتضميد الجروح وتهدئة الحروق. استخدم شمع العسل في المراهم ومرطبات الشفاه وتثبيت المكياج. كان ملح البحر المكوّن الأساسي في مقشرات البشرة، واستخدم طين النيل في أقنعة التنقية بسحب الشوائب من المسام وتطهير البشرة. أما منتجات الألبان فكانت كليوباترا تفضل الاستحمام بحليب البقر واللبن لتبييض البشرة وتنعيمها وترطيبها والتخلص من الخلايا الميتة بفضل اللاكتيك.
وأخيرًا، تبيّن فلسفة جمال فرعونية تقوم على الاستحمام النقي والتطهير اليومي ونظام غذائي غني بالخضروات والفواكه والأسماك والحبوب الكاملة، مع استخدام الزيوت الطبيعية كوقاية من حرارة الشمس. يوصى بمراجعة الخبراء في العصر الرقمي قبل الاعتماد على أي زيت كوقاية، مع استبدالها بواقيات الشمس المتطورة لحماية البشرة من الأشعة فوق البنفسجية. كما كانت أوقات الراحة والاسترخاء جزءًا من أسلوب الحياة الملكي، لذا تُشجع ممارسات اليوغا والتأمل كإجراءات للحماية من التوتر والإجهاد. إن جمال الملكات لم يكن صدفة، بل يعتمد على روتين ثابت من المكونات الطبيعية التي تعزز الجمال وتستمر عبر العصور.




