أوضح القاضي أن قانون المسؤولية الطبية يمثل تحولًا مهمًا في تنظيم القطاع الصحي. يؤمن هذا القانون ضمانات حقيقية لحماية حقوق المريض وفي الوقت نفسه يوفر إطارًا قانونيًا عادلًا يحمي الطبيب من التعسف والشكاوى الكيدية. كما يعزز القانون منظومة تشريعية واضحة توازن بين حماية المريض وتوفير بيئة مهنية آمنة للطبيب، ما يضمن العدالة لكلا الطرفين داخل المنظومة الصحية.
الضوابط المهنية ومسؤولية الطبيب
أشار القاضي إلى أن القانون يلزم الأطباء بالعمل ضمن نطاق التخصص الدقيق وفي منشآت مرخصة، مع الالتزام بالمعايير الطبية العلمية المعروفة. يؤكد أن الالتزام بهذه الضوابط يجنب الطبيب الدخول في دائرة الخطأ الطبي الجسيم، خاصةً عند ظهور مضاعفات قد تُعد واردة، فالمضاعفات تُعترف كأخطاء غير جسيمة وتستلزم تعويضًا مدنيًا فقط. أما الخروج عن التخصص أو العمل في أماكن غير مرخصة أو مخالفة الأصول العلمية، فُيعد خطًا طبيًا جسيمًا يعاقب عليه القانون جنائيًا. كما أشار إلى أن القانون أطلق منظومة لجان فنية متكاملة تبدأ بلجان ابتدائية في المحافظات وصولًا إلى اللجنة العليا للمسؤولية الطبية.
تشكل هذه اللجان هيكلًا فنيًا يعنى الفصل في الوقائع الطبية، وتؤمن قراراتها درجات من الاستقلالية. وتتيح إجراءات التظلم أمام النيابة العامة التي تعيد الأوراق إلى اللجنة العليا لإعادة الفحص بواسطة لجنة فنية جديدة لضمان الحياد والنزاهة. وتؤكد هذه الآليات مسار العمل بما يحافظ على الشفافية والعدالة بعيدًا عن الضغوط المختلفة.
هذا الإطار يواجه الشكاوى الكيدية، فتنص نصوص القانون على معاقبة مقدم الشكوى إذا ثبت كيديتها وثبت عدم ارتكاب الطبيب لأي خطأ طبي. وهذا يعزز حماية الطواقم الطبية من الاتهامات غير المبررة. كما يوضح أن الردع يحقق التوازن بين حقوق المريض وحقوق الطبيب ويحفز على الالتزام والمعالجة المسؤولة للمضاعفات المحتملة.
جرّم القانون التعدي على الأطقم الطبية والمنشآت الصحية، وتُفرض عقوبات رادعة تنفيذًا لتوجه الدولة في التصدي لأي اعتداء يمس هيبة المرافق الصحية وسلامة العاملين بها. وتؤكد هذه الإجراءات أن حماية الأفراد والمؤسسات الصحية جزء من منظومة العدالة المؤسسية. كما يرسخ ذلك المبدأ بأن السلامة المهنية والرعاية الصحية الجيدة لا تقبل أي انحراف أو تعدٍ خارج نطاق القوانين المعمول بها.
لا يوجد في التشريع المصري قانون آخر يتضمن التعريفات والإجراءات الخاصة بالأخطاء الطبية سوى قانون المسؤولية الطبية، لذا فهو الإطار الحاكم لكافة الوقائع المعروضة أمام جهات التحقيق والقضاء. ويقتصر دور القوانين الأخرى على إطار تنظيمي داخل نطاقاته، بينما يبقى القانون المذكور المرجع الأول والأخير في هذا الشأن. كما استحدث القانون صندوقًا خاصًا لتعويض المتضررين يتولى سداد قيمة التعويضات سواء صدرت بحكم قضائي أو بناء على تسوية تعتمدها اللجنة الفنية والنيابة العامة، بما يحقق أمانًا للطبيب والمريض معًا.
وفي ختام تصريحاته، وجه القاضي رسالة إلى جموع الأطباء والعاملين بالمهن الطبية قال فيها إن القضايا التي تُعرض أمام جهات التحقيق ولم تصدر فيها أحكام نهائية يمكن فيها الاستفادة من القانون الأصلح، مطالبًا بإحالة جميع القضايا الطبية إلى اللجان الفنية المنصوص عليها في قانون المسؤولية الطبية باعتبارها الجهة المختصة فنيًا بالفصل في الوقائع. وأكد أن الالتزام بالتخصص والعمل داخل منشآت مرخصة واتباع القواعد الطبية المعتمدة هو الضمان الحقيقي لحماية الطبيب من العقوبات الجنائية ولحماية المريض من الإهمال والتجاوز المستهدف.




