أعلن فريق الباحثين في جامعة إكستر اكتشاف نوع جديد كليًا من زئير الأسود الأفريقي، وهو اكتشاف قد يعيد تشكيل فهم التواصل في الحياة البرية القاطنة في أفريقيا. وقد نُشرت الدراسة في مجلة علم البيئة والتطور، وتشير النتائج إلى وجود نمطين صوتيين مختلفين يعرفان بـ”الزئير العالي” و”الزئير الوسيط”. هذا الاكتشاف الأول الذي يثبت باستخدام تقنيات الذكاء الاصطناعي التمييز بين النمطين، ويفتح بابًا لثورة في أساليب رصد الأسود في البرية.

أوضح جوناثان جروكوت، عالم الأحياء في جامعة إكستر والمتخصص في استخدام التكنولوجيا لحماية الحيوانات آكلة اللحوم، أن هذه النتائج تغير فهم العلماء لصوت الأسد. وأشار إلى أن الزئير ليس مجرد رمز للقوة، بل هو توقيع صوتي فريد يمكن استخدامه لتقدير أحجام السكان ومراقبة الأفراد بدقة أكبر. وأكد أن الاعتماد التقليدي على التمييز البشري للصوت كان يعكس تحيزًا، لكن أنظمة الذكاء الاصطناعي الجديدة تمكنت لأول مرة من فرز وتحليل آلاف التسجيلات بدقة عالية، فتم التعرف على الزئير الوسيط بجانب الزئير العالي.

تشير التقديرات الحديثة إلى أن عدد الأسود البرية في أفريقيا يتراوح بين 20,000 و25,000 حيوان، وهو انخفاض نسبته النصف خلال 25 عامًا مضت نتيجة فقدان الموائل والصيد غير المشروع والنزاعات مع البشر. وتؤكد الدراسة أن المراقبة الدقيقة لهذه الحيوانات أمر حاسم لخبراء الحفاظ على الحياة البرية الذين يعملون من أجل حماية ما تبقى من هذه الأنواع المهددة. كما تبرز أهمية الاعتماد على تقنيات صوتية منخفضة التدخل كأداة رئيسية في تقييم السكان وتحديد الأفراد بدقة أعلى.

نقض النظريات القديمة

تسقط الدراسة فكرة أن الأسود تنتج نمطًا واحدًا من الزئير، إذ يثبت وجود نظام صوتي أكثر تنوعًا يتضمن زئيرين عالٍ ووسط. يلمح ذلك إلى أن التواصل الصوتي لدى هذه القطط الكبيرة جزء من منظومة اجتماعية وسلوكية معقدة. كما يتوافق هذا الاكتشاف مع نتائج مماثلة لدى حيوانات كبيرة أخرى مثل الضبع المرقط، مما يعزز فكرة أن آكلات اللحوم تمتلك طيفًا صوتيًا لم يُستكشف بالكامل.

ثورة تقنيات الرصد الصوتي

تشير النتائج إلى أن استخدام تقنيات تصنيف الأصوات عبر الذكاء الاصطناعي سيغير طرق تقدير أعداد الأسود مقارنة بطرق الرصد التقليدية مثل مصائد الكاميرا. يرى الباحثون أن أنظمة الرصد الصوتي السلبي، التي تلتقط الحياة البرية على مدار الساعة، قد تشكل الأساس المستقبلي لرصد الحيوانات المهددة. وتبرز فكرة أن الزئير ليس صوتًا واحدًا بل لغة صوتية متعددة الطبقات يمكن تطويرها إلى أدوات فعالة للحماية والمراقبة.

شاركها.