تستعد مصر خلال الساعات القادمة لكتابة فصل جديد من تاريخها بافتتاح المتحف المصري الكبير، ذلك الصرح العملاق الذي سيحكي ملحمة حضارة أذهلت العالم. تتفتح أبوابه ليكشف أسرار جمالية ظلت نائمة لآلاف السنين بين قصص محفورة على جدران المعابد وبرديات الكهنة، لتعيد لنا قصص الجمال الخالد وكيف حافظت ملكات الحضارة الفرعونية على بشرتهن الناعمة وشعرهن الذي يتحدى الزمن. سيصبح هذا المتحف منصة حوار بين الماضي والحاضر، ليبرز عبقرية الفراعنة في رعاية الجمال وتخطيطه كجزء من حضارتهم الشاملة. ويمثل الافتتاح خطوة عملية لتجسيد الإرث في روتين يومي يمكن أن تتبناه النساء حول العالم في منازلهن بكل سهولة.

عند وضع كل قطعة أثرية في مكانها الجديد، تتضح عبقرية الفراعنة ليس فقط في القناع الذهبي والتماثيل والمقابر، بل في الجسد الإنساني نفسه الذي حفظوا عليه عبر وصفات طبيعية مستخلصة من نهر النيل ونباتاته. يبرز المتحف كيانًا حيًا يتفاعل مع الزائر عبر أمثلة جمالية عاشت معهم قرونًا وورثت أساليب عناية مستمرة. كما يبيّن أن جمال الملكات ليس وليد حظ بل نتاج نظام يدمج العناية بالبشرة والشعر مع فنون الحياة اليومية. هذه إرث يستمر في إلهام كل سيدة تبحث عن أسرار موروثة يمكن تطبيقها في العصر الرقمي بلا تعقيد.

أسرار البشرة

تؤكد المصادر أن الملكات اعتمدن مقشر الملح البحر والنعناع مع زيت الزيتون أو زيت اللوز، حيث يزيل الملح الأوساخ ويمنح البشرة انتعاشًا مع ترطيب الزيت. كما استخدمن قناع الطين النيلي الذي يطهر المسام ويعالج الشوائب إذا أضيف ماء الورد والعسل. وعلى صعيد الترطيب تجلت العناية بالوجه بتغذية الجلد بثمار من الزيوت الملكية كزيت الزيتون وزيت الخروع وزيت اللوز الحلو، لتوفير حماية من الجفاف ومكافحة علامات التقدم في السن. يمكن تلخيص أن هذه الأساليب تعكس فهمًا عميقًا لربط الجمال بالنظافة الصحيحة والتغذية المتوازنة.

أسرار الشعر

أما العناية بالشعر فقد اعتمدت الملكات على زيوت فعالة مثل زيت الخروع الذي يعزز النمو والكثافة، ويُدمج مع زيت جوز الهند لتخفيف القوام وتسهيل التطبيق. كما استخدمن بلسم العسل والزبادي لتوفير البروتين والرطوبة مع إصلاح الأطراف المتقصفة. كما جمعن بين زيت الخروع وزيت الزيتون مع بضع قطرات من زيت إكليل الجبل لتغذية عميقة وتنعيم البصيلات. واستعملن شطف الأعشاب كروزماري أو النعناع لتنشيط فروة الرأس وإضفاء لمعان طبيعي مع رائحة منعشة.

المكونات الطبيعية

اعتمدت ملكات الحضارة الفرعونية في عنايتها بالجمال على مكونات من وادي النيل؛ فكان زيت الخروع نجم العناية بالشعر والجسد، واستخدم زيت الزيتون كمورد غني بمضادات الأكسدة وفيتامين E. كما كان زيت اللوز الحلو خيارًا مناسبًا للبشرة الحساسة وتحت منطقة العين لطيبته ورطوبته. وذكرت النصوص أن زيت السمسم كان يُستخدم في التدليك وحماية البشرة من حرارة الشمس بفضل خصائصه الواقية من الأشعة. كذلك يعتبر زيت النخيل من الزيوت الفاخرة التي تعزز الترطيب وتمنح الشعر لمعانًا صحيًا.

الأعشاب والنباتات العطرية

أشار استخدام هلام الصبار لتهدئة الحروق وترطيب البشرة وتسهيل الشفاء. كما عُدل البحر بالبابونج المنقوع لتفتيح لون الشعر وإضفاء لمعان ذهبي مع تهدئة البشرة المتهيجة. ساهم إكليل الجبل في غسولات الشعر القديمة بتحفيز الدورة الدموية في فروة الرأس وتعزيز النمو. استخدم العرقسوس والنعناع في الحمامات التجميلية لتلطيف البشرة وتهدئة الالتهابات.

الزهور والعطور

كان ماء الورد منشطًا للبشرة ومهديئًا لها، كما يساعد في توازن حموضتها. واستخدم زيت اللوتس لصناعة العطور وزيوت الجسم لما يمنحه من رائحة فاخرة. ويعد اللبان من أسرار العطور والحفاظ على البشرة من علامات التقدم في السن بخصائصه القابضة.

منتجات النحل

كان عسل النحل مضادًا حيويًا ومُرطبًا أساسيًا للبشرة والشعر، واستخدم لمعالجة الالتهابات وتلطيف الحروق وتضميد الجروح. كما استُخدم شمع العسل في المراهم ومرطبات الشفاه وتثبيت المكياج وتلطيف البشرة. يعتبر العسل أيضًا جزءًا من وصفات تعزيز صحة الشعر وترطيبه العميق.

الأملاح والمعادن

كان ملح البحر ركيزة مقشرات البشرة الأساسية لدى الملكات، واستخدم طين النيل في أقنعة التنقية وامتصاص الشوائب وتطهير البشرة. تعكس هذه المكونات علاقة الجمال بالنقاء الطبيعي والنهر الذي يغذي العناية اليومية. تشير إلى أن العناية بالجسد في العصور القديمة كانت منظومة كاملة تجمع الغذاء والنظافة والتغذية.

منتجات الألبان

اشتهرت كليوباترا بالاستحمام في حليب الماشية، بينما كان حليب الأبقار والزبادي بديلين شائعين لتبييض البشرة وتنعيمها وترطيبها وإزالة الخلايا الميتة بفضل حمض اللاكتيك. وتُستخدم هذه المنتجات حتى اليوم كمرطبات أساسية في روتين الجمال المستلهم من الحضارة الفرعونية.

نصائح عامة من فلسفة الجمال الفرعونية

كان الاستحمام والتطهير بالماء النقي جزءًا من روتينهم اليومي، لذا أكدوا على ضرورة النظافة المستمرة للبشرة والشعر. كما كان النظام الغذائي غنيًا بالخضراوات والفواكه والأسماك والحبوب الكاملة، مما يعزز الصحة العامة ومقاومة الجذور الحرة. كانوا يفضلون استخدام الزيوت الطبيعية كواقي من الشمس، لكننا ننصح بالاستعانة بالواقيات الحديثة وفق اختصاصي العناية بالبشرة. وأخيرًا يحثون على فترات لاسترخاء العقل عبر ممارسة التأمل واليوغا للحفاظ على جمال مستدام بعيدًا عن التوتر.

إن جمال الملكات الفرعونيات لم يكن مجرد صدفة بل نهج قائم على مكونات طبيعية وروتين ثابت يعكس حكمة الطبيعة، وهو ما يمكن تطبيقه اليوم ضمن روتين بسيط وموجّه نحو العناية اليومية.

شاركها.