تستعد مصر خلال الساعات المقبلة لكتابة فصل جديد من تاريخها بافتتاح المتحف المصري الكبير، ذلك الصرح العملاق الذي سيحكي ملحمة حضارة أذهلت العالم. تكشف المناسبة عن أسرار جمالية ظلت نائمة لآلاف السنين بين قصص محفورة على جدران المعابد وبرديات الكهنة. لتظهر قصص الجمال الخالد وكيف حافظت ملكات الحضارة على بشرتهن الناعمة وشعرهن الذي يتحدى الزمن، ليصبحن أيقونات جمال تتجاوز العصور.

ولا أبالغ عند القول إن كل قطعة أثرية توضع في مكانها تعكس عبقرية الفراعنة ليس فقط بين الأقنعة الذهبية والتماثيل الفاخرة، بل في أجسادهم التي حافظت على صحتها باستخدام وصفات طبيعية مستمدة من نهر النيل ونباتاته. عند فتح هذا الصرح، تتاح أمام العالم إرث من الجمال يمكن تطبيقه منزلياً بخطوات بسيطة. ستقدم الفقرات التالية أسرار العناية بالبشرة والشعر على خطى ملكات الحضارة الفرعونية وتناسب عصرنا الرقمي.

أسرار العناية بالبشرة

ترتكز أسرار البشرة عند الملكات الفرعونية على مزيج من موارد وادي النيل المتاحة. يدمج مقشر مكوّن من ملح البحر مع زيت الزيتون أو زيت اللوز وأوراق النعناع المفرومة في دلك دائري خفيف لمدة دقائق ثم يُشطف بماء بارد، حيث يزيل الملح الأوساخ ويرطب الزيت البشرة ويمنحها انتعاشاً. أما قناع الطين النيلي فيذيب الشوائب من المسام ويرطب البشرة عبر مزيج الطين مع ماء الورد وعسل النحل حتى جفاف القناع ثم الشطف. ينتج عن هذه العلاجات تأثير مطهر ومهدئ يوازي أثرها في إشراق البشرة ونعومتها.

أُضيفت إلى روتين البشرة فكرة الاستفادة من حليب بودرة كبديل عملي لحليب الحمير، مع إضافة ملعقتين من العسل وماء الاستحمام الدافئ ونقط من زيت اللافندر أو الورد؛ يعمل حمّام الحليب المقترَح على تقشير لطيف وترطيب عميق، في حين يمنح العسل خصائص مضادة للبكتيريا وترطيباً مستمراً. ويُضاف إلى ذلك تغذية البشرة بالزيوت الملكية التي تتطلب دلكاً منتظماً لوجه ورقبة بقطرات من زيت الزيتون البكر أو زيت الخروع أو زيت اللوز الحلو، وهي زيوت غنية بمضادات الأكسدة وفيتامين E وتُسهِم في حماية البشرة وتغذيتها واستعادة شبابها.

أسرار العناية بالشعر

زيت الخروع كان من أبرز الخيارات لتقوية الشعر وتعزيز النمو؛ يوضع على فروة الرأس الدافئة بمقدار مناسب ويترك لساعات للحصول على أفضل نتائج. يمكن خلطه بزيت جوز الهند لتخفيف القوام وتسهيل التطبيق، ثم يُغسل بشامبو لطيف. يساهم هذا العلاج في تنشيط الدورة الدموية وتعضيد البصيلات لتقليل التساقط وتكبير الخصل بالعناية الملكية.

بلسم العسل والزبادي يمد الشعر بالبروتين والرطوبة، ويعالج الأطراف المتقصفة إذا دُهِن من المنتصف إلى الأطراف لمدة 20–30 دقيقة ثم الشطف جيداً. كما يعمل خليط من زيت الخروع وزيت الزيتون مع بضع قطرات من زيت إكليل الجبل على تغذية الفروة وتكثيف البصيلات وإضفاء لمعة صحية. يوصى بغسول أعشاب من منقوع الروزماري أو النعناع يعمل على تنشيط فروة الرأس وترك الشعر بنعومة ورائحة طيبة.

مكونات أساسية من وادي النيل

اعتمدت الملكات على مجموعة من الزيوت النباتية كزيت الخروع وزيت الزيتون وزيت اللوز الحلو لتوفير تغذية مركزة للبشرة والشعر. كان الخروع يحفِّز النمو ويعزز القوة ويقي من الجفاف، بينما يوفّر زيت الزيتون حماية للأكسدة وتغذية عميقة. كما استخدم الزيت السمسم لتخفيف الشمس وحماية البشرة من الحرارة، وتؤكد المصادر أن زيت النخيل يعد من الزيوت الفاخرة التي تمنح البشرة والشعر لمعاناً صحياً.

تُستخدم الأعشاب والنباتات العطرية مثل هلام الصبار للتهدئة والشفاء وترطيب البشرة، كما يسهم البابونج في تفتيح لون الشعر وتوحيده وإضفاء إشراق ذهبي، وتُعزز الإكليل الجبل الدورة الدموية في فروة الرأس. العرقسوس كان يوظف في الحمامات التجميلية لتهدئة البشرة وعلاج الالتهابات، بينما يظل النعناع من أسرار مقشرات وغسولات الشعر، وتُستخدم الحناء لتقوية الشعر ومقاومة القشرة، كما أن الخيار يهدئ منطقة تحت العين ويخفف الانتفاخات.

كان ماء الورد من مصادر تنشيط البشرة وتهدئتها، كما كان استعمال زيت اللوتس لصناعة العطور وزيوت الجسم من المكونات الفاخرة. كان اللبان العطري من أسرار الجمال الكبرى في العطور ومكوّنات العناية بالبشرة لمقاومة علامات التقدم في السن، وتلك المكونات تعزز التوازن وتمنح البشرة والشعر إشراقاً دائماً.

منتجات النحل والأملاح والمعادن

كان عسل النحل مضاداً حيوياً طبيعياً ومركباً أساسياً للترطيب داخل البشرة والشعر، كما استُخدم شمع العسل في مراهم وتثبيت المكياج والشفاه. كما كان الملح البحري مكوّناً رئيسياً في مقشرات البشرة، وتُستخدم أحجار الطين النيل في أقنعة لتنقية البشرة وامتصاص الشوائب من المسام.

أما منتجات الألبان فكان الحليب واللبن خيارين لتبييض البشرة وتنعيمها وترطيبها، فضلاً عن إزالة الخلايا الميتة بفضل حمض اللاكتيك وتوفير نعومة طويلة الأمد. وتُستخدم هذه التركيبات في روتين العناية لتقديم إشراق طبيعي يعزز مظهر البشرة والشعر.

نصائح عامة من فلسفة الجمال الفرعونية

اعتمدت الملكات على الاستحمام النقي والتطهير المستمر كطقوس يومية، لذا توصي النصائح ببقاء البشرة والشعر نظيفين باستمرار. كما أن النظام الغذائي كان غنياً بالخضروات والفواكه والأسماك والحبوب الكاملة، فشرب الماء وتناول الأغذية الغنية بمضادات الأكسدة وأوميغا-3 يعزز الصحة. كما استخدمت الزيوت الطبيعية كحماية من حرارة الشمس، لكن من الأفضل استشارة مختصين في العصر الرقمي قبل استخدامها والاعتماد على واقيات شمس حديثة. وأخيراً، شُجّعت الملكات على تخصيص أوقات للاسترخاء في القصور، فضلاً عن ممارسة اليوغا والتأمل لحماية الجمال من التوتر والإجهاد.

شاركها.